أخذت ظاهرة تأنيث العلم والمؤسسات التربوية أبعادا تثير الكثير من المخاوف وسط الجزائريين، حيث لم يتوان الكثير في دق ناقوس الخطر بسبب طغيان العنصر النسوي، والحضور الباهت للذكور في الحلقة التعليمية، سواء ما يتعلق بمزاولي مهنة التدريس، أو عدد الطلبة مقارنة بالطالبات في مدرجات الجامعة والمؤسسات التعليمية والتربوية.
ويرى الكثير من المتتبعين أن طغيان العنصر النسوي في المؤسسات التعليمية يشكل ظاهرة خطيرة تهدد مستقبل المنظومة التربوية، بالنظر إلى الانعكاسات السلبية التي قد تنجر على قيم التحصيل الدراسي، وكذا نوعية التنشئة لدى التلميذ، في ظل غياب التوازن بين الجنسين، بدليل ندرة الذكور من فئة المعلمين والأساتذة مقارنة بالحضور القوي للعنصر النسوي، الذي يسعى إلى عدم توفيت أي فرصة لفرض ذاته في هذا الجانب.
ويرى الدكتور يوسف بن يزة من كلية العلوم السياسية بجامعة باتنة، أنه لا يمكن قراءة ظاهرة تأنيث العلم خارج سياق ما يحدث في المجتمع الجزائري من تغيرات، مشيرا أن اكتساب العلم تاريخيا كان من الأدوات الفعالة التي تسعى إليها الفتاة للتخلص من السلطة الأبوية للذكور، والحصول على مكانة اجتماعية جديدة تختلف عن مكانة ربة البيت المسنودة إليها اجتماعيا، ولذلك يعتبر أن طلب العلم والاجتهاد في كسبه يعد بمثابة ثغرة تنفذ من خلالها الفتاة إلى العالم الخارجي، وحسب محدثنا فقد استفادت الفتاة أيضا من مخرجات العولمة وارتفاع مستوى الوعي، والتوجه نحو تمكين المرأة في مختلف المجالات.
أما الأستاذ عادل سلطاني أخصائي في علم الاجتماع، فقد أكد أن تأنيث التعليم ظاهرة متفشية في مقرراتنا التعليمية لتلاميذ المرحلة الابتدائية، على غرار أمي في السوق، وليلى في البستان، وغيرها من الجمل التي أنثت أو حاولت تأنيث المقررات التعليمية، أما تفسيره لهذه الظاهرة وانعكاسها على تحصيل التلاميذ، يتطلب، حسب رأيه، القيام بدراسات ميدانية في علمي النفس وعلم الاجتماع التربوي تحديدا للوقوف على الظاهرة، بعد معرفة نتائج الدراسات وإخضاع الفرضيات للتحليل فيما يخص هذين المتغيرين (التحصيل الدراسي والقيم)، وقال الأستاذ عادل سلطان في ختام حديثه "حسب ما يبدو من هذا التساؤل، فإنني لا أظن أن هذه الظاهرة التأنيثية ستؤثر على التحصيل بالسلب أو بالإيجاب، وكذلك على القيم لدى المتمدرسين في أطوار التعليم الابتدائي، وسؤالي هل ظاهرة تذكير المقررات أو التعليم برمته سيؤثر على التحصيل والقيم لدى هؤلاء بالإيجاب؟"، مؤكدا أن التأثير التحصيلي والقيمي لا يتعلق بظاهرتي الأنوثية والذكورية.